لا يقتصر الإبداع على فئة مُختارة من الأفراد دون غيرها، بل هو موجود عند معظم الناس بنسب متفاوتة، شأنه في ذلك شأن الذكاء تماماً، وعملية إظهار هذه القدرة وتوظيفها يرتبط بتدريب الأفراد على تنمية إبداعاتهم. ونتيجةً لتعدّد الاتجاهات النظرية التي تناولت الإبداع واختلافها، فقد اختلفت تعريفات الإبداع، والمُدقّق في تعريفات الإبداع يجد أنها تتمحور في معظمها حول أربعة مكونات أساسية هي:
أ. البيئة الإبداعية : وتتضمن البيئة الإبداعية الموقف الكلي المعقد ، الذي يتم من خلاله استثارة العمليات الإبداعية بشكل مبدئي ، والاستمرار في ذلك إلى أن يتم إنجاز هذه العمليات ، ويمكن لهذه البيئة أن تكون طبيعية أو نموذجية يتم تصميمها بحيث توفر أفضل الظروف لإثارة القدرة على التفكير الإبداعي . ويتبنى هذا الاتجاه علياء الاجتماع وعلماء الإنسان وبعض علماء النفس الاجتماعي ، ويرى أنصار هذا الاتجاه أن الإبداع ظاهرة اجتماعية ذات محتوى حضاري وثقافي ، وأن الفرد يصبح جديراً بصفة المبدع إذا تجاوز تأثيره على المجتمع حدود المعايير العادية ، وبهذا المعنى يمكن النظر للإبداع باعتباره شكلاً من أشكال القيادة التي يمارس فيها المبدع تأثيراً شخصياً واضحاً على الآخرين .
ب. المنتج الإبداعي : ويمكن أن تتضمن المنتجات الإبداعية الأنماط السلوكية والأدائية والأفكار والأشياء وغيرها من أنواع المنتجات الأخرى ، بأي وسيلة ممكنة للتعبير عن ذلك . ويعنى هذا المكون بالمنتج الإبداعي ذاته ، على افتراض أن العملية الإبداعية سوف تودي في النهاية إلى نتاجات ملموسة بصورة لا لبس فيها ، وقد حاول كثير من الباحثين تحديد خصائص ومواصفات لتقييم الأعمال الفنية والأدبية والموسيقية ، من حيث مستوى الإبداع فيها ، وغالباً ما تتخذ الأصالة والملاءمة كمعيارين للحكم على النواتج.
ج. العملية الإبداعية : يمثل هذا الاتجاه محور اهتمام علماء القياس النفسي وعلماء النفس المعرفيين الذين أسرتهم فكرة الاستبصار لدى علماء نفس الجشطلت ، وركزوا دراساتهم على الجوانب المتعلقة بعملية حل المشكلات وأنماط التفكير وأنماط معالجة المعلومات التي تشكل عملية الإبداع . ومن الباحثين الذين تبنوا هذا الاتجاه كويستلر في كتاب بعنوان العملية الإبداعية وتورانس من خلال تعريفه للإبداع بأنه عملية تحسس للمشكلات والوعي بها وبمواطن الضعف والفجوات والتنافر والنقص فيها وصياغة فرضيات جديدة والبحث عن حلول وتعديل الفرضيات وإعادة صياغتها وإعلان النتائج.
الشخص المبدع : يمثل هذا الاتجاه محور اهتمام علماء نفس الشخصية الذين يرون أنه يمكن التعرف على الأشخاص المبدعين عن طريق دراسة متغيرات الشخصية والفروق الفردية في المجال المعرفي ومجال الدافعية . وكان ثمار هذا الاتجاه وضع عدد غير قليل من مقاييس الشخصية وتطويرها بهدف الكشف عن الأفراد المبدعين ، ويتناول وصف الشخص المبدع عادة ثلاثة مجالات رئيسة ، وهي : الخصائص المعرفية والخصائص الشخصية والدافعية ، والخصائص التطورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق